من المفترض أن يكون لهدف الإنسان من الحياة أولوية قصوى، وعلى رأس سلم أولوياته، ولا ضير إن جمع الإنسان بين هدفين رئيسين أو أكثر بحيث يسعى لتحقيق جميع هذه الأهداف بالتوازي مع بعضها البعض، فالأهداف في الحياة هي التي تعطي لها قيمة، وهي التي تنير الدرب، وتزيّنه.

يتكون الهدف من الحياة عادة كنتيجة لرغبة جامحة في نفس الإنسان تدفعه لتغيير الواقع الذي يعيشه، أو لتطوير نفسه والمضي بها قدماً إلى الأمام من أجل أن يرفع من مستوى وعيه، وثقافته، وتفكيره، وأحواله المادية، كما أنّ المجتمع المحيط، والعادات، والتقاليد، والأعراف، واختلاط الدين بالأعراف، والأوضاع السياسيّة، والاجتماعية، والاقتصادية، كل هذه الأمور قد تتسبب في إيقاع الظلم على فئة معينة من المجتمع أو ربما على شعب بأكمله، مما يدفع بعضاً من الأشخاص إلى وضع أهداف لهم تتمثل في حمل هذه الرسالة أو القضية العادلة والمطالبة برفع الظلم عن الفئة المضطهدة، الأمر الذي قد يجعلهم يخوضون معارك قاسية من أجل تحقيق أهدافهم الإنسانية المشروعة. يضع الإنسان هدفاً لحياته من خلال معرفته بنفسه، وباهتمامامته، وبالقضايا التي تؤرّقه، فالأهداف قد تكون أساساً مشاكل يمر بها يسعى للتخلص منها، كمن يعاني ـ على سبيل المثال- من مشكلة الفقر، ويسعى للتخلّص منها، والنهوض بنفسه وبمن حوله مادياً. هناك من الأشخاص من يضعون أهدافهم بناء على رسالة يحملونها، أو فكرة تجول في خواطرهم يسعون لتحقيقها، كمن يحاولون نشر العلم، والمعرفة، والثقافة، أو أولئك الأشخاص الذين يسعون إلى أن يكون لهم موطئ قدم في عالم المخترعات، أو عالم الفن، والإبداع، فهؤلاء الأشخاص لا يملكون سوى أفكارهم، وطموحاتهم، وأحلامهم، ومهاراتهم ليبدأوا بها ويصلوا إلى أهدافهم ومبتغياتهم، فمنهم من يصل في النهاية، ومنهم من يضل الطريق، ومنهم من يموت وهو لا يزال يحاول، وهذه الفئة الأخيرة عادة ما تجد من يكمل الطريق الذي رسمت معالمه بعد انقضاء الأجل.

بعد أن يضع الإنسان هدفه يجب عليه أن يسعى بكل جهده للوصول إلى هدفه وتحقيقه، فتحقيق الهدف يحتاج إلى مجهودات شاقة ومضنية تتمثل في محاولة الارتقاء بالمهارات المكتسبة وتنميتها، وصقل المواهب، وبناء المعارف والعلاقات الاجتماعية، وزيادة الوعي، والثقافة، والحصيلة المعرفية، والإصرار والثبات أمّا التحديات التي قد تعترض الإنسان أثناء طريقه في درب الحياة، إضافة إلى ضرورة تمتعه بالصبر، والمثابرة، والطموح الجامح، والثقة بالنفس، واحترام الذات والقدرات، والتحلّي بالخلق الحسن القويم الذي يساعد على إرساء دعائم التواصل مع الآخرين سعياً وراء تحقيق الهدف المنشود والوصول إلى المعالي.